حالياً، يدرك كل متابع أو شخص مهتم بأداء ونتائج الشركات المخضعة لإشراف هيئة سوق المال وغيرها من الشركات التي بدأت في تنفيذ نظام الحوكمة، أهمية المراجعة الداخلية بشكل جلي. إذ تلعب المراجعة الداخلية دورًا بالغ الأهمية في تعزيز نظام الحوكمة، ورفع مستوى الرقابة، وتزويد الإدارة التنفيذية بمعلومات حول المخاطر المحتملة، التي يمكن معالجتها بواسطة توصيات استشارية مقترحة.
هذه التوصيات المقترحة تلعب دورًا فعالًا في تحليل ومعالجة المخاطر بشكل احترافي، مما يساهم جزئيًا في تقليل حدوث تلك المخاطر أو تكرارها. على سبيل المثال، شركة “موبايلي” تمثل مثالًا بارزًا على أهمية المراجعة الداخلية، حيث دفعت تجاربها السلبية بعض الشركات المعروفة للاستفادة من تقارير المراجعة الداخلية والتعامل معها بمهنية وجدية قبل أن تصل الأمور إلى مستوى الأزمات، مثل ما حدث مؤخرًا مع “موبايلي”.
وبالفعل، يركز هذا المقال على أهمية المراجعة الداخلية ودورها الحيوي في الشركات. وقد أثرى الوعي المتزايد بأهميتها في تحسين أداء رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة في الشركات، حيث أصبحت المراجعة الداخلية مؤشرًا لمدى الوعي والنضج في مجال الحوكمة.
يتمحور هذا المقال حول الإجابة على سؤال يُطرح بانتظام من قبل رؤساء لجان المراجعة الداخلية في الشركات، وهو: ما هي الطريقة المثلى لتنفيذ برامج المراجعة الداخلية؟ هل يجب إنشاء إدارة متخصصة لأداء هذه المهام، أم ينبغي التعاقد مع مكاتب التدقيق الخارجية؟
قبل الإجابة على هذا السؤال من الجانبين التقني والمالي، يجب التأكيد على أن مصطلح “المراجع الداخلي” يشير إلى فريق يعمل داخل المؤسسة، بينما يقوم المراجع الخارجي بعمليات الفحص والتدقيق داخل المؤسسة أيضًا، ولكنه لا يطلق عليه “داخلي”، مما يُظهر أهمية المصطلحات والنظريات في التعامل المهني واستفادتها.
إجابة على السؤال المطروح، من الناحية التقنية، يعتبر إنشاء إدارة متخصصة لأداء مهام المراجعة الداخلية أكثر كفاءة وفاعلية. فالمراجع الداخلي العامل داخل المؤسسة يمتلك معرفة عميقة بأنواع المخاطر وقدرته على تقديرها. وتواجده داخل المؤسسة يضيف قيمة للنظام الرقابي الداخلي ويساهم في تشكيل تصوّر شامل لفعالية نظام الحوكمة وإدارة المخاطر، مما يساعد في تقييم المخاطر التي تنشأ من بيئة العمل بشكل مستمر. وبذلك، يمكنه تقديم مقترحات وتوصيات تضيف قيمة حقيقية للجهة المستفيدة من تقارير المراجعة، سواء كانت لجنة المراجعة أو الإدارة التنفيذية.
من الناحية المالية، يعتبر المراجع الداخلي أكثر اقتصادية، حيث يمكنه تحقيق الفائدة بناءً على التكلفة. يتزايد فائدته وتنخفض تكلفته مع استمرار تواجده في المؤسسة، وزيادة تطويره للخبرة والمعرفة بالنظام الداخلي.
تشير هذه المعطيات إلى ضرورة تعزيز أنشطة المراجعة الداخلية بشكل متواصل. على سبيل المثال، منشأة تمكنت من زيادة برامج المراجعة الداخلية إلى أكثر من ٧٠٪ خلال خمس سنوات، واستفادت من تنخفيض تكاليفها من خلال تقليل عدد المراجعين بنسبة تقريبية تصل إلى ٣٠٪. وهذا يظهر كيف أن المراجعة الداخلية قادرة على تحقيق قيمة مضافة من خلال تقديم تقييم دائم للمخاطر وتقديم توصيات تسهم في تحسين الأداء وإدارة المخاطر.
بصورة متعلقة، نجد أن التجارب والأحداث أثرت بشكل واضح على سمعة بعض مكاتب التدقيق الكبرى. على سبيل المثال، تم التشكيك في مصداقية شركات كبرى كمكتب “ديلويت” وتم تحذير من التعامل معها بعد تورطها في أزمة “إنرون”. وكذلك، تمت تغريم شركة “برايس ووتر هاوس كوبرز” بسبب دورها في أحداث مثيرة في شركة “موبايلي”.
من هنا يبرز أهمية تعزيز الحوكمة الداخلية وضمان استقلالية المراجعة، حيث يمكن للإدارات التنفيذية أحيانًا التأثير على إدارات المراجعة الداخلية أو تجاوزها، مما يمكن أن يؤدي إلى تحقيق نتائج غير مرجوة.
إذًا، يجب أن يكون الاختيار بين إنشاء إدارة داخلية متخصصة أو التعاقد مع مكاتب التدقيق الخارجية يعتمد على السياق التنظيمي والمالي لكل مؤسسة.
أشترك الان فى برنامج Matix ERP
للآدارة الحسابات والمبيعات